الأدلة على أن القرآن كلام الله
|
يشرح هذا الدرس بعض الأمور التي تدل على إثبات أن القرآن كلام الله وهي كثيرة نذكر منها مايلي :-
الدرجة غير المسبوقة من البلاغة في القرآن
[عدل]جاء في القرآن درجة غير مألوفة عند العرب من البلاغة التي لم يعهدوا مثلها في أنماط كلامهم، سواء ما قاله أهل البلاغة من الحكمة أو ما اشتهر شعراً أو نثرا، و أياً كانت فصاحته أو بلاغته فلم يبلغ أحد من الناس مستوى بلاغة القرآن وفصاحته والتي هي عبارة عن تنبيئ بلفظ معجز في بلاغته عن المعنى الحق للمقام الذي أورد فيه النبأ، بلا زيادة ولا نقصان في الكلمات، والدلالة فيه تكون بالغة وجمة بعدد محدد من الكلمات، والمشهور في البلاغة كلما ازداد شرف الألفاظ بالصدق وزانت معاني الكلمات بالدلالة الدقيقة كان الكلام أبلغ، فيعتبر القرآن في صفة البلاغة والفصاحة الذروة الأعلى، وهو ما يمكن أن نسميه حدَّ الإعجاز في كمال القول.. ويوجد في مكتبة التراث الإسلامي مئات الكتب في تفصيل هذا الأمر.. انظر [1]
مثال عن منهج في القرآن غير مسبوق في خطاب العرب
[عدل]- وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ {4} الأعراف
المعلوم في خطاب العرب هو تقديم الحدث على العاقبة وليس العكس ، بينما في الآية يقدم الله سبحانه العاقبة قبل الحادث وفي ذلك إشارة لأن الكلمات ليست من بشر يروي قصة بل من الإله الذي حكم بهلاك القرية ثم نبأنا عن عاقبة حكمه..
- قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ{17}يوسف
فلما أفترى اخوة يوسف قصة الذئب زعموا أنها حق لكنك لاتجد في القرآن نبأ أو عبارة تؤكد لك نبأ غير صحيح .. فانظر إلى العبارة (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)
- يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ{41} وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ{42} يوسف
فيوسف عليه الصلاة والسلام يقول ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) ويصدر حكمه في تعبير الرؤيا ، ثم ينبأنا الله سبحانه أن حقيقة الأمر هي أن يوسف يظن ظناً فيقول ( وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما)
مثال على الأسلوب البلاغي في القصص الغير معروف في غير القرآن
[عدل]- ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ{81} وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{82} قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{83} يوسف
لاحظ أن الخطاب من أخو يوسف عليه الصلاة والسلام إلى اخوته يأمرهم بأن يعودوا إلى أبيهم و يخبروه بحادث القبض على أخيهم الصغير حيث أنه ( سرق ) وبما أنه لم يسرق فعلا و إنما كانت مكيدة فهو يقول ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ) وهذا ينبأك أنهم غير واثقين من أنه سرق وانما هذا ما علموه من الحادثة ، ثم يستشهد بالناس و القافلة التي شهدت الحادث ، و بعد هذا يأتيك في القرآن مباشرة رد يعقوب عليه الصلاة و السلام الذي كان الخطاب يحمل له.. متجاوزا الرحلة و تبليغ الخبر و الاستشهاد ، فيفيدك رد يعقوب أنه بلغه الأمر من أبناءه كما وصاهم أخوهم الكبير ، وهذا من الغاية في البلاغة مع كمال البيان.
- لما سمع الوليد بن المغيرة وهو كافر ومن أشد الناس عداوة للرسول ، قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90) قال: والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر ، ما يقول هذا بشر،
- ذكر أبو عبيدأن أعرابيا سمع رجلا يقرأ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} (الحجر: 94) . فسجد وقال: سجدت لفصاحته، وسمع رجلاً آخر يقرأ {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً} (يوسف:80) . فقال:أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام)
تأليفه العجيب وأسلوبه الغريب
[عدل]تأليفه العجيب وأسلوبه الغريب في المطالع والمقاطع والفواصل، مع اشتماله على دقائق البيان وحقائق العرفان، وحسن العبارة، ولطف الإشارة، وسلامة التركيب، وسلامة الترتيب، فتحيرت فيه عقول العرب العرباء، وفهوم الفصحاء. والحكمة في هذه المخالفة أن لا يبقى لمتعسف عنيد مظنة السرقة، ويمتاز هذا الكلام عن كلامهم ويظهر تفوقه.[2]
ظهور النقص في غيره
[عدل]مما يدل على عظمة القرآن ويظهر قوته أن أي شخص بليغ ناظماً كان أو ناثراً يجتهد في هذه المواضع اجتهاداً كاملاً، ويمدح ويعاب عليه غالباً في هذه المواضع كما في الأمثلة التالية :-
- عيب على مطلع امرئ القيس: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.. بسقط اللوى بين الدخول فحومل
بأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ وسهولة السبك وكثرة المعاني فإنه وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل، وأن الشطر الثاني لا يوجد فيه شيء من ذلك.
- عيب على مطلع أبي النجم الشاعر المشهور فإنه دخل على هشام بن عبد الملك، فأنشده: صفراء قد كادت ولما تفعل.. كأنها في الأفق عين الأحوال
وكان هشام أحول فأخرجه وأمر بحبسه.
- عيب على مطلع جرير، فإنه دخل على عبد الملك وقد مدحه بقصيدة حائية. أولها:أتصحو أم فؤداك غير صاح
فقال له عبد الملك: بل فؤادك يا ابن الفاعلة.
وهكذا قد خطئ أكثر الشعراء المشهورين في المواضع المذكورة. وأشراف العرب، مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلام وشدة عداوتهم للإسلام، لم يجدوا في بلاغة القرآن وحسن نظمه وأسلوبه مجالاً لم يوردوا في القدح مقالاً، بل اعترفوا أنه ليس من جنس خطب الخطباء وشعر الشعراء.
الإخبار بما كان ومايكون وماسيكون
[عدل]مما يثبت أن القرآن كلام الله هو كون القرآن منطوياً على الإخبار عن الحوادث في خلال فترة نزوله..وبعد نزوله..وهي مستمرة..حتى يومنا هذا.، فجاءت كما أخبر الله في القرآن في الأيام اللاحقة على الوجه الذي أخبر.
فقد مزق حواجز الغيب الثلاثة فأخبرنا بما حدث للامم السابقة..وروى لنا قصص الرسل السابقين..وأخبر بحوادث وأخبار وحديث نفس في زمن نزوله..وحكى لنا أشياء لم يكن أحد يعرفها.
من أخبار القرآن
[عدل]- (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون) .فوقع كما أخبر، ودخل الصحابة المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير خائفين.
- (والله يعصمك من الناس) الخطاب للرسول لن يستطيع أحد كائن من كان أن يقتلك قبل أن تبلغ رسالة الإسلام كاملة, وقد وقع كما أخبر مع كثرة من قصد وحاول ضره وقتله ولكن عصمه الله .
- (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) هنا يقول الله بأن القرآن سليم من التحريف والزيادة والنقصان ولن يستطيع أحد كائن من كان على مر العصور والأجيال القادمة إلى نهاية العالم من أن يستطيع أن يحرفة أو يزيد فيه أو ينقص منه ، وقد وقع كما أخبر ولازال يقع حتى اليوم فبالرغم من التقدم العلمي لم يستطع أحد أن يحرف كلمة في القرآن ويثبت ذلك ليظهر خطأ هذه الآية, وذلك رغم حرص كثير من الملاحدة والمعطلة والقرامطة أن يحرف شيئاً منه, حتى هذا اليوم لايوجد اختلاف في نص القرآن في أي قطر من أقطار الدنيا وفي أي زمن هو نص واحد.
والمتدبر للقرآن يعجزه أخبار القرآن ويجد فيها الحقيقة الكاملة كما كان ومايكون وماسيكون.
كشف أسرار المنافقين
[عدل]ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطئون في السر على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان الله يطلع رسوله على تلك الأحوال حالاً فحالاً في آيات كثيرة من القرآن ، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق.