الفعل الجامد وغير الجامد: القسم الاول
الفعل الجامد و غير الجامد:القسم الاول'
ينقسم الفعل من حيث الجمود وعدمه ( التصرف ) إلى قسمين :
فعل جامد، وفعل غير جامد ( متصرف ).
وذهبنا لاختيار مصطلح جامد وغير جامد في الأفعال بدلا من جامد ومتصرف، لأن المصطلح ( جامد ) يطلق على الأفعال والأسماء، ومع ذلك فهو يعد من قبيل المشترك اللفظي، ذلك أن مفهوم الجمود في الأفعال يختلف عنه في الأسماء ففي الأفعال نجد المصطلح جامد يقابله المصطلح متصرف، بينما في الأسماء نجد مصطلح جامد يقابله المصطلح مشتق، ونتيجة لاختلاف اللفظ في المصطلحات المقابلة للجامد اخترنا مصطلحا مشتركا وهو ( غير جامد ) لجمع دراسة ظاهرتين متشابهتين في حيز واحد.
أولا ـ الفعل الجامد :
[عدل]هو كل فعل يلازم صورة من صور التصريف الدالة على الحدث والمقرونة، أو غير المقرونة بزمن، وهو نوعان :
1 ـ الفعل الملازم لصورة الماضي :
[عدل]هو كل فعل وجد في اللغة على صورة الماضي، ولا يمكن أن نشتق منه مضارعا، أو أمرا. ومن هذه الأفعال :
أ ـ ليس،ظل، وما دام من أخوات كان.
ب ـ كرب عسى، حرى، اخلولق، أنشأ، طفِق، طفَق، أخذ، جعل، علق،
هبَّ، قام، هلهل، أولى، ألَمَّ، وهي من أخوات كاد (1).
ـــــــــــ 1 ـ قال بعض اللغويين بتصرف بعض هذه الأفعال، فقد حكى الجوهري مضارع طفق، وحكى الأخفش مصدره، وحكى الجرجاني اسم الفعل من عسى، وحكى الكسائي مضارع جعل. انظر همع العوامع في شرج جمع الجوامع للسيوطي تحقيق عبد العال سالم مكرم ط1975، ج2 ص 136.
وجمود هذه الأفعال مرتبط بحال نقصانها، أما إذا كانت تامة فهي متصرفة كغيرها من الأفعال.
ج ـ نعم، بئس، ساء، حَسُنَ، حبذا، لا حبذا، أفعال للمدح والذم.
د ـ خلا، عدا، حاشا. في حال اعتبارها أفعالا.
هـ ـ وهب، وهو من أخوات ظن، ولا يستعمل بمعنى صير إلا إذا كان في صيغة الماضي.
و ـ أفعال التعجب وهي : ما أحسنه، وأحسن به، ولا تستعمل هاتان الصيغتان إلا في صورة الماضي. أما " حَسُن " بمعنى ما أحسنه، وغيره من الأفعال التي بنيت هذا البناء للتعبير عن التعجب، فهي متصرفة في الأصل، وجمودها مرهون بجعلها ضمن صيغ التعجب فحسب.
ز ـ الفعل ( قلَّ ) النافي، وهو بمعنى ( ما ) النافية.
نحو : قل طالب يهمل الواجب، أي : ما طالب يهمل الواجب.
ويكف ( قل ) ونظائره عن طلب الفاعل بـ " ما " الكافة، نقول : قلما يذكر كذا.
ومثلها : طالما، وشدَّ ما، وعزَّما، وكثر ما، وغيرها.
أما إذا كان ( قل ) ضد ( كثر )، أو اتصل به ( ما ) المصدرية فهو فعل متصرف، وعندئذ يجب فصل ما عن الفعل. نحو : قلَّ ما حضرت مبكرا.
ح ـ الفعل ( كذب ) في الإغراء، يقال : كذباك، أي : عليك بهما، وكذب عليك، أي : عليك به، وكذبتك الظهائر، أي : عليك بالمشي في حر الهواجر وابتذال النفس (1).
ـــــــــــــ
1 ـ انظر الفائق في غريب الحديث لجار الله الزمخشري، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرون ط2 عيسى البابي الحلبي / القاهرة، ج3 ص 250، وشرح ابن عقيل ج3 ص 246، وعده الرضي في شرح الكافية بهذا الاستخدام اسم فعل، غير أن البغدادي رد عليه في خزانته، انظر خزانة الأدب ج6 ص 183، 190 تحقيق عبد السلام هارون.
ط ـ الفعل ( سُقِطَ ) يقال : سُقِطَ في يده، وأُسْقِط في يده. أي : ندم. ويقال أنه بمعنى ارتبك (1).
ك ـ الفعل ( هدَّ ) يقال : مررت برجل، هدّك من رجل.
أي : أثقلك وصف محاسنه (2).
=2 ـ الفعل الملازم لصورة الأمر :=
هو كل فعل لا يمكن أن نشتق منه ماضيا، أو مضارعا.
ومن هذه الأفعال :
أ ـ هبْ، وتعلَّمْ :
و " هب " فعل قلبي من أخوات ظن. نحو : هبْ عليّا حاضرا.
ولم يكن المقصود به فعل الأمر من الفعل " هاب " من الهيبة، لأن هاب متصرف نقول : هاب، يهاب، هبْ، وكذلك ليس الأمر من " وهب " بمعنى الهبة، لأن وهب متصرف، نقول : وهب، يهب، هبْ.
أما " تعلَّمْ " فهو فعل قلبي أيضا من أخوات " ظن " بمعنى " اِعْلَمْ ".
تقول : تعلَّمِ الأمانة فائز حاملها.
فإن كان " تعلَّمْ " من " تعلَّمَ " الدال على المعرفة فهو متصرف، وينصب مفعولا واحدا فقط. نحو : تعلَّمَ، يتعلَّمُ، تعلَّمْ. تقول : تعلمت درسا من الماضي.
ب ـ هأْ، وهاء بمعن خذ، (3).
ج ـ أفعال زجر الخيل وهي : أقْدِم، واقْدُم، وهبْ، وارحبْ، وهِجِدْ.
ـــــــــــــ
1 ـ الفعل في القرآن الكريم : تعديه ولزومه، أبو أوس إبراهيم الشمسان ط1، جامعة الكويت 1986 ص 573.
2 ـ ابن عقيل، المساعد ج3 ص245.
3 ـ ابن مالك : تسهيل الفوائد ص247.
قال ابن مالك ليست أصواتا، ولا أسماء أفعال لرفعها الضمائر البارزة (1).
د ـ الفعل " هلمَّ " في لغة تميم، ولم تستعمله إلا في صورة الأمر. (2)
هـ ـ الفعل " عِمْ ". يقولون : عِم صباحا. (3)
و ـ " تعال، وهات " :
الفعل " تعال " مرهون جموده بدلالته على الأمر بالإقبال. (4)
أما " هات " فهو جامد لأن العرب قد أماتت كل شيء من فعلها غير الأمر.
وقد عده الزمخشري في أسماء الأفعال (5).
3 ـ ما لزم صيغة المضارع :
[عدل]أ ـ " أهَلُمُّ " فعل مضارع جامد، ودخول همزة المتكلم دليل فعليته، ولم يستعمل العرب منه ماضيا، كما لا يستعمل أكثرهم منه أمرا، لذل قيل : إنه غير متصرف. يقال : هلُمَّ، فتقول : إلى مَ أَهَلُمُّ ؟ (6).
ب ـ " يَهِيطُ " بمعنى يصيح ويضج (7).
ج ـ " يسْوى " فعل مضارع جامد بمعنى : يساوي، وعده في الجوامد ابن الحاج. (8).
ــــــــــــ
1 ـ ابن عقيل، المساعد ج3 ص 249.
2 ـ المرجع السابق ج3 ص 250.
3 ـ أحمد سليمان ياقوت : الأفعال غير المتصرفة وشبه المتصرفة ص159.
4 ـ ابن منظور : اللسان مادة " هتا " ج3 ص 769.
5 ـ المفصل للزمخشري ص 151.
6 ـ المساعد، ابن عقيل ج3 ص 249.
7 ـ كتاب الأفعال لابن القطاع ج3 ص 366.
8 ـ ارتشاف الضرب لأبي حيان ج 3 ص 14.
د ـ " أهاءُ " بمعنى آخذُ وأعطي، وهو فعل مضارع جامد. جاء في تاج العروس " وإذا قيل لك : هاءَ، بالفتح، قلت : ما أهاءُ، أي : ما آخذ ؟ ولا أدري ما أهاءُ، أي : ما أُعطي، وما أهاءُ، أي : على ما لم يسم فاعله، أي : ما أُعطي (1).
ثانيا ـ الفعل المتصرف :
[عدل]هو كل فعل لا يلزم صورة واحدة من صور التصريف الدالة على الحدث، والمقرونة بزمن، أو غير مقرونة.
وهو نوعان :
1 ـ فعل ناقص التصرف : وهو ما يشتق من ماضيه المضارع فقط، للدلالة على حدث مقترن بزمن، واسم الفاعل والمصدر مما لا يقترن بزمن.
نحو : زال : يزال، زائل، وزيْل.
برح : يبرح، بارح، وبراح.
فتئ : يفتأ، فاتئ. ولا مصدر له.
انفك : ينفك، منفك. ولا مصدر له.
كاد : يكاد، كائد، وكود وكيد.
أوشك : يوشك : موشك. اسم فاعله على قلة، ولا مصدر له.
ومنها الفعل : انبغى له، وينبغي له بمعنى تيسر وأمكن (2).
2 ـ فعل تام التصرف : وهو كل فعل يمكن أن نأخذ منه الماضي والمضارع والأمر مما يدل على حدث مقترن بزمن، واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر،
ــــــــــــ
1 ـ ابن مالك : تسهيل الفوائد ص 247، وتاج العروس ج1 ص 518.
2 ـ قال ابن مالك في تسهيل الفوائد بجموده، وأنه لا ماضي له، انظر التسهيل ص 147، وذهب أبو حيان في ارتشاف الضرب ج3 ص 14، إلى تصرفه، وذكر ابن عقيل في شرح التسهيل ذهاب غيره إلى تصرفه كابن فارس في المجمل انظر المساعد على تسهيل الفوائد ج 3 ص 248.
وغيرها من المشتقات مما يدل على حدث غير مقترن بزمن. وهو بقية الأفعال في اللغة العربية غير ما ذكرنا في الفعل الناقص التصرف.
نحو : جلس : وهو الفعل الماضي التام الذي نشتق منه الآتي :
المضارع : يجلس، والأمر : اجلس، واسم الفاعل : جالس، واسم المفعول :
مجلوس، وصيغة المبالغة : جلاس، واسم المكان : مجلس، واسم التفضيل : أجلس، والصفة المشبهة : جليس، وغيرها.
ونقول في غضب : يغضب، واغضبْ، وغاضب، ومغضوب، وغضْب.
ونلاحظ من اشتقاقات الفعل " جلس " أنه تام التصرف، فقد أمكننا أن نأخذ منه : الماضي، والمضارع، والأمر، والمصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغة المبالغة، واسم المكان، وغيرها، ومثله جميع الأفعال تامة التصرف.
كيفية تصريف الأفعال :
[عدل]يمكننا تصريف الأفعال بعضها من بعض على النحو التالي :
1 ـ تصريف المضارع من الماضي :
أ ـ إذا كان الماضي ثلاثيا سكنت فاؤه، وحركت عينه بالفتح، أو الضم، أو الكسر حسبما يقتضيه نص اللغة بعد أن يزاد في أوله أحد أحرف المضارعة.
مثل : ذهَبَ : يذهَبُ، وضَعَ : يضَعُ، لعِبَ : يلعَبُ، سمِعَ : يسمَعُ، غضِبَ : يغضَبُ، حسِبَ : يحسَبُ.
رسَمَ : يرسُمُ، كتَبَ : يكتُبُ، عظُمَ : يعظُمُ، حسُنَ : يحسُنُ. كبُرَ : يكبُرُ.
نزَلَ : ينزِلُ، وعَدَ : يعِدُ، وجَدَ : يجِدُ.
ب ـ وإذا كان الماضي رباعيا زيد في أوله أحد أحرف المضارعة مضموما.
مثل : دحرج : يُدحرج، بعثر : يُبعثر، زلزل : يُزلزل، طمأن : يُطمئن، أعطى : يُعطي، أفاد : يُفيد، أهدى : يُهدي، أعان : يُعين.
ج ـ إذا كان الفعل الماضي خماسيا مبدوءا بتاء زائدة بقي على حاله.
مثل : تعلَّم : يَتَعلَّمُ، تدحرج : يَتَدحْرَجُ، تكلَّم : يتكلم، تعاون : يتعاون. تبعثر : يتبعثر، تغير : يتغير.
وإذا لم يكن مبدوءا بتاء كسر ما قبل آخره سواء أكان رباعيا، أم أكثر.
مثل : واصل : يواصِل، بايع : يبايِع، انكسر : ينكسِر، انفجر : ينفجِر.
استعمل : يستعمِل، استعان : يستعين، استولى : يستولِي.
وشذ منه : احمرَّ : يحمرُّ، واغبرَّ : يغبرُّ، واسودَّ : يسودُّ وانهدّ : ينهدَّ، وأشباهها فلا يكسر ما قبل آخرها.
فإن كان مزيدا بالهمزة في أوله سواء أكان رباعيا، أم أكثر حذفت همزته.
مثل : أعطى : يعطي، أرسل : يرسل، أيلغ : يبلغ، أفاد : يفيد.
انتصر : ينتصر، انعطف : ينعطف، انكسر : ينكسر.
اشتمل : يشتمل : استقام : يستقيم، استغنى : يستغني.
2 ـ تصريف الأمر من المضارع :
[عدل]يؤخذ الأمر من المضارع بحذف حرف المضارعة من أول الفعل.
مثل : يكتب : اكتب، يلعب : العب، ينام : نم، يقول : قل، يبيع : بع، يسعى : اسع، يرمي : ارم. يدحرج : دحرج، يوسوس : وسوس، ينتصر : انتصر، يستقيم : استقم.
فإن كان أول الفعل بعد حذف حرف المضارعة ساكنا، زيد في أوله همزة، لأن الهمزة متحركة، ولا يصح الابتداء بالحرف الساكن.
مثل : جلس : اجلس، كتب : اكتب، انكسر : انكسر، استحوذ : استحوذ.
الاسم الجامد والاسم المشتق
[عدل]ينقسم الاسم من حيث الجمود والاشتقاق إلى قسمين :
1 ـ الاسم الجامد : وهو اسم مرتجل وضع للدلالة على معناه، ولم يؤخذ من لفظ غيره.
وهو نوعان : الفعل المتصرف نوعان:و يتصرف في الماضي و المضارع و الأمر. ناقص التصريف:و يتصرف إما في الماضي و المضارع،أو في المضارع والامر أ ـ اسم ذات، وهو ما يدرك بالحواس، وله حيز في الوجود.
مثل : الرجل، الغلام، العصفور، الحصان، الشجرة.
ب ـ اسم معنى، وهو : ما دل على معنى يدرك بالذهن، ويشمل المصادر الدالة على أحداث.
(1) مثل : الأمانة، الوفاء، العدل، الحق، الكراهية.
2 ـ اسم مشتق : وهو ما أخذ من غيره.
مثل : قائم، مؤمن، مكسور، مُبعثر، جبار، عليم، منشار، مكتب.
المجرد والمزيد من الأفعال
[عدل]يطلق مصطلح " مجرد " على الكلمات التي تتألف من الحد الأدنى من الأحرف المعبرة عن الدلالة العامة للكلمة، فكلمة " جلس " مثلا تتكون من ثلاثة أحرف هي : الجيم، واللام، والسين، ولا يمكن إدراك دلالة الكلمة بأقل من هذه الأحرف. أما كلمة " جلوس "، فمن المؤكد أن لها ارتباط بالكلمة السابقة، وهذا الارتباط هو تضمنها معنى الفعل السابق، مع معنى إضافي نتج عن زيادة حرف الواو، وهذا النوع من الكلمات يطلق عليه مصطلح " المزيد "، لأنه زيد فيه حرف، أو أكثر على الأحرف الأصول للكلمة.
والفرق بين الأحرف الأصلية للكلمة، والأحرف الزائدة أن الأولى خاصة بالكلمة نفسها، وتحمل معناها المعجمي الأساسي المتفرد، أما الثانية فهي تتكرر في نظائر كثيرة لهذه الكلمة تشترك معها في البناء، فحرف الواو الزائد في كلمة " جلوس " نجده في كلمات أخرى مثل وجد،
سمو، وردة، عصفور... إلخ وهذا يعني أن هناك مستويين لمعنى الكلمة المزيدة، أحدهما المعنى المعجمي الخاص وهو ما تحمله الأحرف المجردة، والآخر معنى البناء الذي تشارك في حمله أحرف الزيادة، والنعنى الذي جلبته أحرف الزيادة إنما هو معنى البناء، ذلك المعنى الذي قد تكرر مع كل كلمة على هذا البناء. (1).
عيف الحرف الأصلي، وهو زيادة حرف من جنس عين الكلمة، أو لامها. مثل : كَرُمَ : كرَّم، حَطَمَ : حطَّم، عَلِمَ : علَّم، جلب : جلبَبَ، طمأن : اطمأنَّ.
وهذا النوع من الزيادة ليس خاصا بحرف دون الآخر، بل كل أحرف الهجاء يمكن تضعيفها ماعدا " الألف " فلا تضعف، لأنها حرف مد، وتظهر هذه الأحرف في الميزان مضعفة بشكلها الموجود في الكلمة الموزونة، لا بنصها.
مثل : علَّم : فَعَّلَ، جلبب : فعلل.
2 ـ إقحام حرف من أحرف الزيادة المعرفة في كلمة ( سألتمونيها ).
ويمكن التفريق بين الحرف الناتج عن التضعيف الأصلي، ومماثلة من أحرف سألتمونيها في زيادة الكلمة، أن زيادة أي حرف من أحرف سألتمونيها يكون مطردا في زيادته، وفي مواضع مختلفة من الكلمة، في حين زيادة الحرف المضعف لا يكون إلا تكرارا لعين الكلمة، ولا يظهر في هذا الموضع مع أفعال أخرى. ففي كلمة : حوَّل، وقتَّل، وعيَّن، وجلَّس.
نجد أن أحرف الزيادة وهو الواو في حوّل، والتاء في قتّل، والياء في عيّن،
ـــــــــــــــ
1 ـ دروس في الصرف ج1 ص 86.
واللام في جلّس ليست من أحرف سألتمونيها وإن كانت مشابهة لها، لأن هذه الأحرف ما هي إلا تكرار لعين الكلمة، ولا يمكن زيادتها في نفس الموضع مع أفعال أخرى، إذ لا يصح زيادة الواو في الفعل كسر ونقول : كوسر، ولا الياء في علم، ونقول عيلم، وإنما نزيد على كسر سينا ونقول : كسّر، ونزيد على علم لاما، ونقول : علَّم، لأن أحرف الزيادة التي تجمعها كلمة سالتمونيها تتغير بتغير الأصل الذي زيدت عنه، أما زيادة الحرف المضعف الأصلي ما هي إلا تضعيف لعين الكلمة كما ذكرنا سابقا.
أنواع الزيادة :
1 ـ الزيادة البنائية :
وهي الزيادة التي تغير من بناء الكلمة الأصلي، فينتج عن ذلك كلمة جديدة، نتيجة لزياد حرف أو أكثر على الكلمة الأصل.
نحو : كتب : كاتب، وعطف : معطوف، اسم : أسماء.
2 ـ زيادة إلصاقية :
وهي الزيادة الناتجة عن أحرف تلصق إلى الكلمة الأصل دون تغيير في بنائها، ولا تنقلها من المجرد إلى المزيد.
نحو : قرأ : يقرأ، اقرأ، أقرأ، نقرأ.
قلم : قلمان، مجتهد : مجتهدون، هند : هندات، معلمة : معلمات.
نصر : انتصر، عمل : استعمل.
يلاحظ من الأمثلة السابقة أن الزيادة الإلصاقية تدخل على كل الكلمات المجردة منها والمزيدة، لذلك لا تعد أبنية هذه الكلمات من أبنية المزيد، وإن كانت تلك الأحرف قد زيدت على الكلمات الأصول، وتظهر في الميزان كما تظهر في أحرف الزيادة.
نحو : قرأ : فعل، اقرأ : افعل، قلم : فعل، قلمان : فعلان، مجتهد : مفتعل، مجتهدون : مفتعلون.
أبنية الأفعال :
ينقسم الفعل من حيث عدد أحرفه الأصول، أو الزوائد إلى نوعين.
الفعل المجرد، والفعل المزيد.
الفعل المجرد :
هو كل فعل جردت حروفه الأصلية من أحرف الزيادة، بمعنى أن تكون جميع الأحرف المكونة للفعل ـ ويعطي بوساطتها دلالة صحيحة ـ أحرفا أصلية، ولا يسقط منها حرف في أحد التصاريف التي تلحق بالفعل، إلا لعلة تصريفية، وأقل أحرف الفعل المجرد ثلاثة، حرف يُبدأ
به، وحرف يُقف عليه، وحرف يتوسط بينهما. نحو : كتب، جلس، ذهب، قام، رمى، دعا.
فكل فعل من الأفعال السابقة يعتبر فعلا مجردا من أحرف الزيادة، لأن جميع أحرفه المكونة له، وتؤلف منه كلمة لها دلالتها التي يقبلها المنطق أحرفا أصلية لا يمكن الاستغناء عن أحدها، وبإسقاط أي منها يختل تركيب الفعل وتزول دلالته.
فالفعل " ذهب " مثلا مكون من ثلاثة أحرف هي : الذال، والهاء، والباء، وهذه الأحرف الثلاثة أحرف أصول في تركيب الفعل المذكور لكي يكون ذا دلالة لغوية،
فإذا حذفنا حرفا منها اختل بناؤه، وما تبقى فيه من أحرف لا يفي ببنائه ليكون ذا قيمة دلالية، فهذه الأحرف الثلاثة تشكل في مجموعها القواعد الأساس التي بني عليها الفعل مجتمعة، وكذلك الحال إذا كان الفعل مكونا من أربعة أحرف أصلية.
نحو : دحرج، بعثر، وسوس، زلزل، طمأن، عسعس.
فلو جردنا أحرف الفعل دحرج مثلا لوجدناه مكونا من أربعة أحرف هي : الدال، والحاء، والراء، والجيم، وهذه الأحرف مجتمعة شكلت بنيته لتدل على معنى معين له ارتباط زمني يتقبله العقل، فإذا حذفنا حرفا من تلك الأحرف الأساس في تكوين الفعل السابق ونظائره اختل بناؤه اللغوي والدلالي، ولم يعد للأحرف الباقية قيمة في بناء الفعل، أو دلالته.