انتقل إلى المحتوى

حياة النبي محمد

من ويكي الجامعة, مركز التعليم الحر

مقدمة

[عدل]

محمد رسول الله، ونوره في الأرض، وسراجه المضيء يهدي الناس إلى الحق والخير بعثه الله للناس أجمعين. وهو الهادي والبشير والنذير، يهدي الناس إلى الصراط المستقيم، وهو المحذر والمنذر، ينذر الكافرين ويحذرهم من عذاب النار إذا لم يرجعوا عن كفرهم ويتوبوا إلى الله. إنه النبي الكريم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عبد مناف، أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف من أشراف مكة. وينتهي نسب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام. مات أبوه عبد الله وهو في بطن امه، ولكن الله آوى محمد وجعله في كفل جده عبد المطلب، المعروف بالكرم الكبير وحب الفضل وخدمة البيت الحرام وسقاية الحجاج، أي خدمة الذين كانوا يأتون إلى بيت الحرام قبل الإسلام. ولد محمد بن عبد الله يتيما، في الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل الموافق لسنة 571م . إن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكم مفاجأة للعرب، فقد كانت تدور على ألسنة الناس أقوال تخبر بظهور نبي في ذلك الزمن الذي ولد فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

تربيته ورعايته عليه الصلاة والسلام

[عدل]

عندما ولدت آمنة محمد صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جده عبد المطلب الذي فرح بالبشارة فرحا عظيما، ورأى أن الله عوضه عن ابنه عبد الله بحفيده محمد، فأخذه بين يديه ثم دخل البيت الحرام وصار يدعوا الله ويحمده كثيرا، ثم سماه محمدا. وكان هذا الاسم جديدا على العرب. كان عبد المطلب كريما، صادق القول، حافظا للعهد يعمل في التجارة، شأنه شأن العرب جميعا في ذلك الزمن. ولكنه -لكرمه الشديد- كان لا يملك مالا كثيرا لينفق على المرضعة التي ستتولى إرضاع حفيده. اختار عبد المطلب لحفيده الصغير مرضعة ذات أخلاق طيبة ونفس كريمة، وسيرة نقية، هي حليمة السعدية. أخذت حليمة السعدية محمد الطفل الصغير، وكانت في بداية الأمر مترددة، لأنها من أسرة فقيرة، لكنها لم تستطع مقاومة حنانها تجاه محمد. فأخذته وهي مقتنعة بأن الله سيرزقها ويرزقه وعندما أصبح الصبي محمد في أحضانها شعرت بأن اللبن قد ازداد دره في صدرها، وأن البركة أخذت تحل في كل مكان تحمل إليه محمد. لذا سعدت حليمة السعدية بالمولود الجديد، وقررت عدم مفارقته لحظة واحدة، لأنها منذ أن أخذت محمد تغيرت أحوال عيشها فلم تعرف فقرا منذ ذلك الحين. وعندما بلغ محمد الثانية من عمره صار يذهب مع أبناء مرضعته حليمة السعدية إلى المرعى. ذات يوم رأى أبناء حليمة السعدية ملكين يأخذان محمد الطفل ابن السنتين ويفتحان صدره ثم يستخرجان قلبه، ثم يغسلانه ويعيدانه إلى مكانه. فكانت هذه الحادثة غريبة يعرفها الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم، وهي المعروفة بحادثة شق الصدر. عندما بلغ محمد السادسة من عمره رغب في زيارة قبر أبيه والتعرف على عمومته وأخواله، وحققت له أمه هذه الأمنية فاصطحبته في زيارة قبر أبيه وذهبت إلى المدينة المنورة حيث عرفته على ابن النجار (أخواله). وأثناء عودتها إلى مكة فاجأها الموت ومحمد لم يتجاوز السادسة من عمره. وهكذا أرادت حكمة الله أن يفقد النبي أبويه وهو طفل صغير، فتولى كفالته عمه أبو طالب، الذي كان صاحب عيال، فرباه تربية عفيفة نظيفة نقية، حيث غرس فيه حب الإعتماد على النفس فكان صلى الله عليه وسلم يرعى غنم عمه وهوفي السابعة من عمره وعلمه حب التجارة، فكان يأخذه معه إلى بلاد اليمن وبلاد الشام. وفي ذات المرات أخذ أبو طالب ابن أخيه محمد معه في رحلة تجارية إلى بلاد الشام، ولم يكد أحد أحبار اليهود يراه حتى قال متسائلا: الولد من قريش؟ فقال أبو طالب: إنه ابني. فقال له بحيرة اليهودي: إما أنك لم تقل الصدق وإما عندنا في كتبنا ليس صحيحا. فقال له أبو طالب: ولما قلت ما قلت أيها الحبر؟ فقال له الحبر اليهودي: عندنا في التورات أنه سيبعث في الجزيرة نبي له صفات وسمات وكلها تنطبق على هذا الطفل...لكن التورات تقول: إن هذا الطفل يتيم الأب والأم وأنا أسمعك أنك تقول أنه ابني. فقال أبو طالب: الحق أنه ليس ابني، إنه ابن أخي ولكني أردت أنه بمنزلة ابني بل أكثر من ذلك، فقال له بحيرة اليهودي: خذ ابن أخيك وارحل من هنا وإلا فأنا لا أضمن لك شر اليهود الآخرين، وجميعهم يعرفون ما أعرفه عن ابن أخيك. فأسرع وغادر هذا المكان رفقا بالطفل البريء وحرصا عليه وإلا اخذوه وقتلوه.

أمانة محمد

[عدل]

عندما بلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم مرحلة الشباب الأولى، كان قد أتقن في التجارة وعرف بالأمان وحب الخير، والإصلاح بين الناس. وكان في مكة أثرياء لهم أموال كثيرة وتجارة واسعة. وكانوا يحتاجون إلى من يقوم لهم على تجارتهم بين الشام واليمن، ومن هؤلاء امرأة عظيمة ذات مال كثير وأخلاق فاضلة، مات زوجها وأصبحت وحيدة وتحتاج إلى من يرعى لها أموالها، كان اسمها خديجة بنت خويلد. سمعت خديجة بنت خويلد عن محمد الأمين وسمعت عن نشاطه في التجارة، وآمنته في حفظ الأموال وخبرته ومقدرته وحسن تصرفه فأرسلت إليه وأرادت أن يقوم على مساعدتها ويعمل في تجارتها، فقبل مسرورا ثم قام بأول رحلاته على بلاد الشام. وجعلت خديجة خادمها ميسرة ليقوم على خدمته. ولما سار الركب إلى الشام كان ميسرة يرى الرسول صلى الله عليه وسلم مضللا بغمامة تظلله وهو يسير بين أفراد القافلة. وكلما وقفت القافلة وقفت الغمامة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم. وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام كان أول الذين باعوا تجارتهم وأول من إشترى تجارة جديدة وبقى معه المال الكثير. وعندما عادت القافلة إلى مكة قص ميسرة على مسمع خديجة بنت خويلد كل ما رأه وسمعه عن محمد الأمين. أرسلت خديجة بنت خويلد في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وعرضت عليه أن يشاركها في تجارتها عندما تيقنت من أمانته وحسن تصرفه، وقدرته على إدارة أمور التجارة بأمانة وصدق. كان الرسول قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره وكانت خديجة بنت خويلد في الأربعين من عمرها. ولما أعجبت خديجة بمحمد وأمانته عرضت عليه أن يتزوجها. فقد كان محمد صلى الله عليه وسلم يتمتع بسمعة طيبة بين العرب جميعا وكانواا يثقون به فضلا عن حبهم له وثقتهم بحكمته...لقد كان محمد كبير في قومه، ومهابا وعظيما يقدره أهله ولا يسقطون له رأيا.

                                                                حديث شريف

عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ءأتمن خان"، وفى رواية أخرى: "وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم".

حكمة محمد صلى الله عليه وسلم

[عدل]

عرف محمد قبل النبوة بالأمانة، فكانوا يسمونه محمد الأمين وكان حكيما فوق أنه أمين ومن صور حكمته القصة الآتية: عندما عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة والثلاثين قبل البعثة بخمس سنوات حدث خلاف كبير بين قبائل العربية في مكة. وسبب هذا الخلاف أن العرب أرادوا أن يعيدوا بناء الكعبة من جديد فانتدبت، كل قبيلة من قبائل العربية رجلا من رجالها ليمثلها في هذا العمل، حتى تشترك جميع القبائل في هذا الشرف العظيم. ولما أوشك البناء على النهاية ولم يبق إلا وضع الحجر الأسواد الذي كانت تكرمه العرب قديما والمسلمون جميعا.اختلفوا على من يرفع الحجر ويضعه في مكانه فارتفعت أصواتهم، وكادوا يقتتلون بسبب ذلك. ولما إجتمعوا في البيت الحرام ليتفقوا على حل يرضاه جميع العرب اختلفوا من جديد وكادوا أن يقتلونه...حتى قال قائل منهم: إننا نرضى أن يحكم بيننا أول قادم من بيت الله الحرام وبينما هم كذلك دخل محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا الأمين قد أتى ونحن جميبعا قد ارتضينا حكمه. أمر النبي صلى الله عليه وسلم ممثلى القبائل أن يضعوا الحجر الأسود في ثوب ثم يمسك كل واحد منهم بطرف من أطراف الثوب ثم يحملونه جميعا وعندما بلغوا مكانه الموجود فيه الآن. رفعه النبي الحكيم بيديه الطاهرتين ثم وضعه فيه. وهكذا قضى محمد صلى الله عليه وسلم بحكمته على فتنة محققة فصلى الله وسلم عليك يارسول الله.

                                                       بسم الله الرحمان الرحيم

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)

بعثته

[عدل]

كان العرب في الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعبدون الأصنام، ويدفنون بناتهم وهن على قيد الحياة. وكان يقتل بعضهم بعضا، وكان الرجل فيهم يقتل قبيلة القاتل رجلا واثنين حتى مائة رجل. كما أنهم كانو يشربون الخمر، ويأتون الفاحشة، ويلعبون القمار...وكانت تسود حياتهم فوضى لا حدود لها. كانت هذه الأخلاق الفاسدة لا تعجب النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك اعتزل قومه ولا يشاركهم في تلك الأخلاق، فكان يذهب إلى غار حراء في أحد جبال مكة يقال له جبل ثور. واعتزل النبي محمد قومه في هذا الغار وكان يلجأ إليه ويفضله على الاشتراك في الحياة الجاهلية الظالمة التي تملىء بالآثام والكفر. كان النبي صلى الله عليه وسلم يشعر أن شيأ غريبا يشده إلى هذه العزلة، إنه يشعر أن الآلهة التي يعبدها قومه باطلة من أساسها وأن هناك إلها واحدا لا شريك له، هو الذي خلق الأرض والسموات. ولما بلغ محمد صلى الله عليه وسلم الأربيعين وبينما كان يتعبد في غار حراء ذات يوم، نزل عليه ملك عظيم يسمى جبريل، كان جبريل عليه السلام من المقربين والملائكة المرسلين، أرسله الله بالقرآن الكريم مبشرا النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة مكلفا إياه بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. كان هذا في شهر رمضان المعظم. نزل القرآن الكريم يدعوا الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد، كما قال الله تعالى: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)". ودعا أيضا إلى العدالة ونشر الخير والدفاع عن الحق ورفع الظلم عن المظلومين والصدق في القول وحفظ العهد والأمانة وبر الوالدين. ونهى القرآن الكريم عن القتل والتكبر والكذب والاعتداء على حقوق الناس أو شتمهم أو سبهم، ونهى عن الغيبة والنميمة والفتنة وشهادة الزور، وغيرها من الأخلاق السيئة. عندما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بما أوحى إليه، وأخبرهم أنه رسول الله إليهم جاء ليبشرهم بالهدى والحق والنور لم يرضى أصحاب المصالح والأهواء وأصحاب النفوذ عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم أحسوا أن هذه الدعوة مع الحق، وضد الظلم وهم يريدون أن يسود الظلم لكي يعيشوا على حساب الناس. ولكن عدد كبير من الناس (المظلومين) ساندوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلنوا تأيدهم لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وتضامنهم معه وناصروه. ولما كثر عدد المسلمين الذين آمنوا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم أحس كبار المشركين من قريش كأبي جهل وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة وغيرهم أن دعوة محمد ستشكل خطرا عليهم فأرادوا أن يردوهم عن دينهم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يهاجروا إلى الحبشة، لأن فيها ملكا مؤمنا عادلا. فهاجر الصحابة إلى الحبشة فاستقبلهم ملكها النجاشي وأمنّهم ووفر لهم الحماية، وبهذا كانت الحبشة أول بلد بعد الجزيرة يدخلها خبر الدعوة إلى الإسلام. ولما عاد أصحاب الرسول من الحبشة وتكاثر المسلمين صاروا يدعون إلى الله علانية فضيَّق الجاهليون عليهم. ولما اشتدَّ بهم العذاب والابتلاءأمرهم الرسول أن يهاجروا إلى المدينة المنورة وعلى رأس الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضى الله عنهم أجمعين. ثم أُذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة فصحب أبا بكر الصديق رضى الله عنه، فهاجرا إلى المدينة.

بعد الهجرة...المسلمون في المدينة

[عدل]

هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابة إلى المدينة في العام الثالث عشر بعد البعثة (وهو بداية التأريخ الهجرى)، ولم يتكاسل المسلمون عندما نزلوا المدينة المنورة بل اشتغلوا بكل الأعمال مثل الزراعة والصناعة والتجارة وصاروا يحتلون مواقع العمل بدون اليهود الذين كانوا يسيطرون على كل شيء في المدينة المنورة. وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة كأبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم يعدون الناس ليوم الفتح العظيم، فتح مكة. وبعد ثمان سنوات قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في نشر الإسلام وتبليغه للناس من كل القبائل، خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بجيش عظيم وتوجه إلى مكة، وفي هذا العام دخل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بفضل الله وعملهم الدائم مكة المكرمة فتحوها ودخل الناس في دسن الله أفواجا. وحطم الرسول الكريم كل أصنام التي تحيط بمكة وأمر بلال رضى الله عنه أن يؤذن فوق الكعبة... وأقيت الصلاة علانية حول الكعبة وحمد المسلمون الله على هذا النصر العظيم.

الرسول المتسامح

[عدل]

عندما دخل الرسول وأصحابه مكة منتصرين جمع النبي صلى الله عليه وسلم كل أهل المدينة الذين شردوه وأصحابه واضطهدوهم ووقفوا ضد دعوته وقال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالو له أنت أخ كريم وابن أخ كريم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فأنتم الطلاقاء. فوجيء أهل مكة بهذا التسامح الكبير الذي أبداه النبي صلى الله عليه وسلم ففرحوا فرحا شديدا بهذا العفوا الذي لم ينتظروه... ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يعلم أهل الجزيرة العربية والمسلمين جميعا معنى العفوا وكظم الغيظ والمحبة والرأفة.

الرسول المتواضع

[عدل]

لم يكن الرسول غليظا ولا قاسيا، بل كان عليه السلام رؤوفا رحيما بالناس يحرص على خيرهم ومنفعتهم، وكان محبا ودودا. ومن صور محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب الحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء بنته، وكان إذا رآهما يلعبان أقبلعليهما وتواضع لهما واحتضنهما، وإذا صعد أحدهما على كتفه وهو ساجد لله كان عليه السلام يتأنى حتى ينزل عن كتفه وكان يوصي الآباء قائلا: "من كان له صبي فليتصابب له" أي يتواضع له ويرفعه ويعانقه ويبدي له من الحب ما يبعث الثقة في نفسه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم كريما مع الأطفال، رفيقا بالحيوان فكان لا يرى حيوانا محتاجا إلى مساعدة إلا مدها له، فهو كان يطعمها إذا وجدها جائعة، ويسقيها إذا وجدها ضمأى ويقدم لها العلاج إذا رآها محتاجة إليه. فكان لا ينهرها ولا يطردها وكان يوصي بكل ذي كبد رطبأي كائن حي سواءا الإنسان أم الحيوان أم طائر أم زاحف ليعلم المسلمين أصول الرحمة وأسلوب التعامل بها.فصلى الله عليك يا رسول الله وسلم تسليما كثيرا وكلنا نعرف انه كان متواضعا كريما

حجة الوداع

[عدل]
   كانت حجة الوداع هي الحجة الوحيدة التي أداها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة وقد قال فيها خطبته الشهيرة يجب أن يحفظها كل طالب علم، ومما جاء فيها: (...أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن لديه أمانة فليؤدها إلى من إئتمنه عليها،...أما بعد أيها الناس، فإن الشيطان  يئس لن يعبد في أرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطلع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروا على دينكم...وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا، كتاب الله وسنة نبيه، أيها الناس، اسمعوا قولى واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرىء من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم، اللهم هل بلغت؟...)و بعد ذالك توفي الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا أكملوا الدعوة الإسلامية

التسلسل التاريخي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

[عدل]
  1. من المولد الشريف إلى إرهصات النبوة

المولد الشريف

[عدل]

ولد عليه الصلاة والسلام في مكة يوم الإثنين 12 ربيع الأول عام الفيل الموافق ل20 أفريل من سنة 571هـ

السنة الثانية من عمره صلى الله عليه وسلم (النشأة الأولى)

[عدل]

توفي والده عبد الله وهو في بطن أمه لشهرين، وبعد مولده عاش طفولته الأولى في مضارب بني سعد مع مرضعته حليمة السعدية، وقد بارك الله لها في أرزاقها بسببه، كما وقعت له حادثة شق الصدر في السنة الثانية وقيل السنة الثالثة.

السنة الرابعة من عمره صلى الله عليه وسلم ( عودته إلى أمه)

[عدل]

أثناء عودتها من زيارة أخوال جده عبد المطلب توفيت أمه صلى الله عليه وسلم في الأبواء بين مكة والمدينة، فتولى جده عبد المطلب رعايته وكان يحنوا عليه حنوا كبيرا.

السنة الثامنة من عمره (كفالة عمه أبي طالب)

[عدل]

بقي صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عامين، ثم وافته المنية، فتولى كفالته عمه أبو طالب الذي كان فقيرا وذا عيال، وقد اهتم بابن أخيه أيما اهتمام حتى أنه كان يفضله على ولده.

السنة الثانية عشرة من عمره صلى الله عليه وسلم (سفره إلى الشام)

[عدل]

عندما بلغ اثنى عشرة سنة من عمره أخذه عمه في رحلة تجارية إلى الشام، فرآه الراهب بحيرة وعرف من خلال أوصافه المذكورة في الإنجيل أننه النبي المرتقب، فحذر عمه من كيد الناس له. ثم بدأ يسعى لكسب الرزق فرعى الغنم على قراريط لأهل مكة.

السنة الخامسة عشرة من عمره صلى الله عليه وسلم (اشتراكه في حرب الفجار)

[عدل]

شارك النبي صلى الله عليه وسلم أعمامه في حرب الفجار وهو ابن الخامسة عشرة سنة، وقد دارت هذه الحرب بين قريش وقبيلة هوزان، كما حضر حلف الفضول الذي ينص على نصرة المظلوم.

السنة الخامسة والعشرون من عمره صلى الله عليه (زواجه من خديجة رضى الله عنها)

[عدل]

اختار خديجة محمد للسفر في تجارة لها إلى الشام، وقد أعجبت بأخلاقه وأمانته، فعرضت عليه الزواج منها فوافق، وكان له من العمر خمس وعشرين سنة أما هي فقد بلغت من العمر أربعين سنة.

السنة الخامسة والثلاثون من عمره (وضع الحجر الأسود)

[عدل]

كادت الفتنة تنشب بين القبائل بسبب اختلافهم في الشخص الذي يضع الحجر الأسود في الكعبة، فاتفقوا على أن يكون أول قادم عليهم حكما في الأمر، وشاءت إرادت الله أن يكون هو ذاك الرجل المحترم فيهم محمد بن عبد الله، فصاح الجمع عند رؤيته (هذا هو الأمين).

السنة الثامنة والثلاثون من عمره (مقدمات النبوة)

[عدل]

حُبب إليه صلى الله عليه وسلم العزلة والإختلاء في غار حراء، فكان يتحنث فيه الليالي ذوات العدد، كما كان يرى الرؤيا الصالحة التي كانت تأتي كفلق الصبح.

  1. من البعثة إلى الهجرة إلى المدينة المنورة

السنة الأربعون من عمره صلى الله عليه وسلم (بدأ الوحي والبعثة)

[عدل]

بينما كان محمد صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء جاءه جبريل عليه السلام بالوحي من ربه وأقرأه الآيات الأولى من سورة العلق (إقرأ باسم ربك الذي خلق...)، وكان ذلك يوم 17 رمضان سنة 13 قبل الهجرة.

السنة الثالثة والأربعون من عمره صلى الله عليه وسلم (الجهر بالدعوة)

[عدل]

بقى الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوا الناس إلى الله سرا ثلاث سنوات، ثم نزل عليه قوله تعالى: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"، فاستجاب لأمر ربه وجهر بالدعوة إلى الله. فلاقى وأصحابه ما لاقوا من إيذاء قريش وكيدها.

السنة الخامسة والأربعون من عمره صلى الله عليه وسلم (الهجرة إلى الحبشة)

[عدل]

لما اشتد الأذى بالرسول وأصحابه أمر صلى الله عليه وسلم بعضهم بالهجرة إلى الحبشة لأن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد، وقد هاجر في المرة الأولى 12 رجلا و4 نسوة، وفي المرة الثانية 83 زجلا و11 مرأة

السنة السابعة والأربعون من عمره صلى الله عليه وسلم (الحصار الاقتصادي والاجتماعي)

[عدل]

لم يجد المشركون من حيلة للقضاء على محمد ودعوته، فطلبوا من بني هاشم وبني المطلب تسليمه إليهم للقتل، ولما رفضوا تعاقدوا بينهم على صحيفة تعلق في جوف الكعبة يدعوا فيها لمقاطعة الرسول وبني هاشم وبني المطلب مقاطعة اقتصادية واجتماعية، وقد استمر ذلك ثلاث سنوات، ومن ساندهم من الكفار خلالها عنت شديد.

السنة التاسعة والأربعون من عمره صلى الله عليه وسلم (عام الحزن)

[عدل]

في السنة العاشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم ما نالته من الأذى إلى الطائف، مع زيد بم الحارثة، يلتمس النصرة من ثقيف، ولكنهم قابلوه بالإساءة، فقد رماه صبيانهم وسفهاؤهم بالحجارة حتى أدميت قدماه الشريفتان، ثم عاد ودخل مكة في جوار مطعم بن عدي.

السنة الخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (معجزة الإسراء والمعراج)

[عدل]

الإسراء هو تلك الرحلة المباركة التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس ، أما المعراج فهو صعوده عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا، وكان ذلك في ليلة واحدة، وكانت هذه الرحلة بالجسد والروح فهي من معجزاته صلى الله عليه وسلم. وفيها فرضت الصوات الخمس.

السنة الثانية والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (بيعة العقبة الأولى والثانية)

[عدل]

في السنة الحادية عشرة من البعثة عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل الوافدة إلى الحج، وفي العام الموالي قدم وفد من الأوس والخزرج فكانت بيعة العقبة الأولى التي وقعت في السنة 12 من البعثة، وفيها بايع 12 رجلا الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. أما البيعة الثانية فكانت في السنة 12 من البعثة، وفيها بايع 73 رجلا وامرأتان الرسول صلى الله عليه وسلم على النصرة.

السنة الثالثة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (الهجرة إلى يثرب)

[عدل]

أوحى الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة، فصحب أبا بكر رضى الله عنه وخرجا متجهين إلى المدينة المنورة، وكان ذلك يوم من شهر ربيع الأول سنة 53 من مولده، بعد أن ترك عليا في فراشه للتمويه على المشركين الذين اجتمعوا لقتله ولرد الأمانة إلى أهلها.

  1. من تأسيس الدولة الإسلامية إلى وفاته

السنة الثالثة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (أسس المجتمع الجديد)

[عدل]

وصل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة يوم 12 ربيع الأول، فاستقبله أهلها بالتهليل والتكبير، وفرحوا بقدمه أيما فرح، ليستقر بينهم فيضع اللبنات الأولى لتأسيس المجتمع الجديد الذي ابتدأه ببناء المسجد، والمؤاخاة بين المسلمين وكتابة وثيقة بين المسلمين وغيرهم، فهي مثابة الدستور حاليا.

السنة الرابعة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (الإذن بالقتال وأول غزواته صلى الله عليه وسلم)

[عدل]

لقد أذن للمسلمين بالقتال بعد الهجرة، ووضع ذلك موضوع التنفيذ في شهر صفر على رأس اثنى عشر شهرا من الهجرة، إذ خرج النبي صلى الله عليه وسلم يقصد الغزو يريد قريشا وبني حمزة، والغزوات هي ودان، ولكنها انتهت دون قتال فقد واعده بنوا حمزة. ثم كانت بعدها غزوة بدر الكبرى في 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة.

السنة الخامسة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (غزوة أحد واستخلاص الدروس)

[عدل]

كانت غزوة أحد في 15 شوال من السنة الثالثة للهجرة، وقد كان النصر في بدايتها للمسلمين، إلا أن ذلك انقلب إلى هزيمة بعد مخالفة الرماة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم فكان ذلك درسا بليغا استفاد المسلمون.

السنة السادسة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (إجلاء بني النضير)

[عدل]

بسبب غدر القبيلة اليهودية بني النضير النبي صلى الله عليه وسلم قام بطردهم من المدينة وتفرقوا في كل من خيبر والشام وذلك في الربيع الأول 4 هـ.

الثامنة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (صلح الحديبية)

[عدل]

في ذي القعدة 6هـ، عقد النبي صلى الله عليه وسلم صلحا مع قريش.

السنة التاسعة والخمسون من عمره صلى الله عليه وسلم (دحر اليهود)

[عدل]

في أواخر محرم 7 هـ، سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فقاتلهم حتى استسلموا غير أنه وافقهم على البقاء في أرضهم مع دفع نصف غلتهم إليه، وأنه متى شاء أخرجهم منها، وقد تم ذلك فعلا في عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذي أجلاهم من الجزيرة العربية، وأثناء تواجده صلى الله عليه وسلم بخيبر قدم عليه جعفر بن أبي طالب في نفر من المسلمين من الحبشة فتمت فرحة المسلمين. كما بعث النبي صلى الله عليه وسلم عشرة سرايا وأصحابه إلى مختلف القبائل لدعوتهم إلى الإسلام أو قتالها، وفي نفس الفترة كتب كاتبا إلى ملوك وزؤساء العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام ونبذ ماهم عليه من أديان باطلة.

السنة الستون من عمره صلى الله عليه وسلم (الفتح الأكبر)

[عدل]

فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة في شهر رمضان من العام 8 للهجرة.

السنة الإحدى والستون من عمره صلى الله عليه وسلم (التمحيص)

[عدل]

كانت غزوة تبوك في شهر رجب سنة 9 هـ وقت الصيف، وفيها أظهر الله تعالى إيمان المؤمنين ونفاق المنافقين، وانتهت دون قتال، إذ هربت الروم، وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم يودنة حاكم أيلة على الجزية، وأعطاه أهل جرباء، وأذرح الجزية أيضا، وكتب لهم بذلك كتابا، كما كان الحج أبي بكر رضي الله عنه في هذه السنة، وقد دعا فيه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، كما أعلنت براءة الله ورسوله منهم (نزول سورة التوبة)

السنة الثانية والستون من عمره صلى الله عليه وسلم (حجة الوداع)

[عدل]

وكان ذلك في شهر ذي الحجة من سنة 10 هـ، حج النبي صلى الله عليه وسلم آخر حجة وقال خطبته الشهيرة.

السنة الثالثة والستون من عمره صلى الله عليه وسلم (إلتحاقه بالرفيق الأعلى)

[عدل]

بعد عودته من حجة الوداع أمر المسلمين بالتهيؤ لغزو الروم، وقد جعل على إمارة الجيش أسامة بن زيد، وأمره أن يسير موضع مقتل أبيه زيد بن حارثة، ثم بدأ وجعه عليه الصلاة والسلام الذي كان في أواخر شهر صفر واستمر ثلاثة عشر يوما حتى اشتد به وتعذر عليه الخروج للصلاة فأمر أبا بكر رضى الله عنه أن يصلي بالناس. وفي ضحى الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11 للهجرة قبضت روحه صلى الله عليه وسلم ليلتحق بالرفيق الأعلى بد أن أدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في الله حق جهاده وترك الناس على المحجة البيضاء.