انتقل إلى المحتوى

خصائص الكواكب المدارية

من ويكي الجامعة, مركز التعليم الحر
رسم يُظهر مقارنة بين حجم الشمس والأحجام المتوقعة لعدد من أنواع الكواكب.
رسم يُظهر مقارنة بين حجم الشمس والأحجام المتوقعة لعدد من أنواع الكواكب.

تُقسَّم عادة الخصائص المدارية للكواكب إلى ما يُعرف بالعناصر المدارية، وهي مَجموعة العناصر التي تصف مدار جرم سماوي ما بشكل كامل بما في ذلك شكله وأبعاده وسرعته. وهي تندرج تحت علم فرعيّ من الفلك يُعرَف بـ"علم الميكانيكا السماوية". تتمثل خصائص الكواكب المدارية في سبعة عناصر مدارية، يتم من خلالها التعرف على شكل المدار، وأبعاده، وموقع الجرم السماوي فيه، في فضاء ثلاثي الأبعاد. ويتطلَّب استخدام العناصر المدارية في حساب هذه الأشياء معادلات رياضيات معقَّدة، وسيرد منها شيء يسير وبطريقة مبسَّطة في هذا المقال.

الوصف العام

[عدل]
مُقارنة بين مداري كوكبين بنفس "نصف المحور الرئيسي" (قطر الإهليج) لكن بشذوذين مداريّين مُختلفين.
مُقارنة بين مداري كوكبين بنفس "نصف المحور الرئيسي" (قطر الإهليج) لكن بشذوذين مداريّين مُختلفين.

قبل الخوض في الحديث عن كل عنصر من العناصر المدارية في علم الفلك على حدة وفي الوَصف ثلاثيّ الأبعاد للمدار السماوي، يَجدر أخذ نظرة عامة في البداية على الحركات المدارية الكوكبية ثم على خصائصها من وجهة النظر الرصدية. كانت النظرية العلمية الأولى التي فسَّرت بمنطق رياضياتي علمي واضح مدارات الكواكب هيَ قوانين كبلر في وصف حركة الكواكب.

وأول هذه القوانين الثلاث يَتلخص بأهم نقطة في مدارات الكواكب، وهيَ أن "جميع الكواكب تدور في مدارات إهليجية حول الشمس (أو الجرم المَركزي لنظامها)". فمن النقاط الهامة جداً في الكواكب إهليجية مداراتها،[ملاحظة 1] التي تُغير بطبيعة الحال أسلوب التعامل معها وقياسها. فبداية المسافة بين الكوكب والجرم المَركزي الذي يَدور حوله ليست ثابتة بل تتغير باستمرار في كل لحظة، ولذا فتُسمى أقرب مَسافة بينه وبين جرمه المَركزي بـ"الحضيض" بينما تسمى الأبعد بـ"الأوج"، أما متوسط المسافة فيُسمى "نصف المحور الرئيسي" (Semi-major axis).كما يُسمى مَدى إهليجية المدار بـ"الشذوذ المداري" (Orbital eccentricity) ويُقاس باستخدام الأرقام، حيث يُشير الرقم 1 إلى المدار الدائري تماماً، بينما يُصبح المدار أكثر إهليجية مع انخفاض الرقم (وهذا مشروح في الرسم التوضيحي الأيمن، ففي الرسم يُوجد مدارا كوكبين بنفس نصف المحور الرئيسي، إلا أن أن المدار في الأعلى يَملك شذوذاً بقيمة 1 بينما شذوذ المدار في الأسفل يَبلغ 0.5).

يُشير القانونان الثاني والثالث من قوانين كبلر إلى مَسألة أخرى هي "الفترة المدارية" (الفترة الزمنية التي يَحتاجها جرم سماوي لقطع دورة حول الجرم الذي يَدور حوله). فهذان القانونان يَشرحان أساسيات حساب فترات الكواكب - والأجرام السماوية الأخرى - المدارية، وهيَ تتمثل في مربع المَسافة بين الكوكب والجرم المَركزي الذي يَدور حوله. فبداية، من قوانين الفيزياء الأكثر بساطة من أن تشرح التناسب الطردي بين المَسافة التي يَقطعها جسم ما والوَقت الذي يَحتاجه ليَقطعها، وقانون كبلر الثاني يُوضح هذا الأمر بأن الكوكب سيَحتاج إلى مدة أطول لقطع مداره كلما ابتعد أكثر عن جرمه المَركزي (ومن ثم ازداد حجم مداره). أما القانون الثالث فيَشرح مسألة أخرى هامة جداً في علم الميكانيكا السماوية لكنها أكثر تعقيداً بقليل، وهيَ أن السرعة المدارية للجسم - لا الفترة المدارية - تتناسب عكسياً مع المسافة بينه وبين جرمه المركزي، أي أنه كلما اقترب الجرم السماويّ من الجرم المَركزي الذي يَدور حوله أصبحَ يَدور بسرعة أكبر.[ملاحظة 2]

العناصر المدارية

[عدل]
العناصر المدارية

تُستخدم العوامل المَعروفة بـالعناصر المدارية كركائز أساسية لوَصف المدارات الفلكية بثلاثة أبعاد مع إعطاء جميع الخصائص المدارية للأجرام التي تدور ضمن هذه المدارات. ولكون الكواكب أجراماً سماوية عادية، فهذه العناصر تَنطبق على مداراتها أيضاً، وهيَ تُستخدم كوَسيلة أساسية لوَصف ودراسة مدارات الكواكب والتعرّف على خَصائِصها كافة. فمع أن قوانين كبلر تُوضح الخصائص العامة للمدارات الكوكبية، إلا أنها ليست كافية لوَصف هذه المدارات وشرح جميع خصائصها بالشكل اللازم. وهذه العناصر ليست وَحدات أولية في جميع الحالات، فأحياناً تُستخدم بعضها لقياس عناصر أخرى، أي أنها ليست دائماً أول ما يَجب قياسه. وفيما يَلي شرح لجميع العناصر المَدارية الأساسية للكواكب ودورها في توضيح خصائصها المداريّة:

  1. عناصر الشكل المداري: هيَ العناصر التي تَصف حجم وشكل المدار. وبطبيعة الحال، فعلى رأس هذه العناصر نصف المحور الرئيسي - أو بالأخرى قطر المَدار - وهوَ العامل الرئيسي في قياس حجم المدار والمَسافة بين الكوكب وجرمه المَركزيّ، وله أيضاً أهمية قُصوى في قياس العديد من العناصر الأخرى مثل الفترة والسرعة المَداريين. ويَلي هذا العنصر الحضيض، وهوَ الذي يَصف أقرب مَسافة بين الكوكب وجرمه المَركزي، ومن ثم فهوَ يُوضح أقرب وأبعد مَسافة بين الجرمين بعد جمعه مع نصف المحور الرئيسي نظراً إلى أن ذاك هوَ الذي يُوضح مُتوسط المَسافة بينهما. وأخيراً يَأتي الشذوذ المداري، وهوَ بدوره العامل الرئيسي في قِياس وتوضيح شكل المَدار، إذ أنه يَقيس مدى إهليجيته كما وُضح آنفاً في فقرة "الوصف العام".
  2. عناصر الهندسة المدارية: هي العناصر التي تصف زوايا المدار التي تحدد موقعه في الفضاء. أولها هو الميل المداري (Inclination)، وهو يُعبر عن مدى انحراف مستوى المدار بالنسبة للشمس إذا ما نظرنا إلى المدارات من زاوية أفقية، وللحصول على مستوى مرجعيٍّ يُقاس منه الميل المداري فقد لجأ الفلكيون إلى مستوى سهل النظام الشمسي، وهو المدار الظاهريُّ للشمس، ويقاس عامل الميل بناءً عليه، ولذلك فإنه يُعرف بـ"السهل"، إذ أن جميع مدارات الكواكب تقع قريباً جداً منه، وأكثرها ميلاً وهو عطارد يبلغ ميله المداري 7 درجات فحسب. أما العنصر الثاني فهو العقدة الصاعدة (Ascending node)، وهي تستخدم لقياس موقع الكوكب في المدار، إذ أنهاء تتألف من نقطتين متناظرتين تقع كل منهما على جانب من المدار، أما طريقة الحُكم على موقع العقدة من المدار فهي معقدة قليلاً وتعتمد على العامل السابق الذي تناولناه قبل قليل، وهو الميل المداري، فعندما ننظر إلى المدار المائل أفقياً سنرى أنه على شكل عصى مائلة تتقاطع في مُنتصفها بالضبط مع سهل النظام الشمسي بما أنه النقطة المرجعية للميل المداري، وعند نقطة تقاطع مستوى المدار مع مستوى السهل تقع العقدة الصاعدة، وبما أن المدار والسهل لا يتقاطعان سوى على نقطتين من المدار متناظرتين مع بعضهما فإنهما يُصبحان النقطتين المرجعيَّتين لقياس موقع الكوكب في المدار. أما العامل الأخير من هذه العوامل فهو إزاحة الحضيض (argument of perihelion)، وهو يُعبر عن الزاوية التي تفصل بين العقدة الصاعدة للمدار ونقطة الحضيض، وهو يُساعد في تحديد زوايا وأبعاد المدار.
  3. عناصر الحركة المدارية: هي العناصر التي تصف سرعة الكوكب والمسافة التي يقطعها خلال دورته المداريَّة. والعامل الأول من بينها هو ببساطة السرعة المدارية، يليها متوسط الحركة اليوميَّة، وهو متوسط المسافة التي يقطعها الكوكب في مداره خلال وحدة زمنية هي اليوم. وأخيراً يأتي العامل الثالث وهو متوسط البعد الزاوي، وهو العامل المسؤول عن تحديد موقع الكوكب ضمن المدار وطبيعة حركته من حيث سرعته والمسافة التي يَقطعها.

دراسة رياضية

[عدل]

من الاستعراض السابق تبيَّنت لنا الخطوط العريضة والعوامل الأساسية التي يُمكننا استخدامها لقياس وتحديد الخصائص المدارية المُختلفة لكوكب ما، وبشكل عام فقد تبين لنا أن أبعاد المدار يُمكن اكتشافها عن طريق نصف المحور الكبير والحضيض والشذوذ المداري، ثم نكتشف تموقعه في الفضاء وبالنسبة لما حوله من أجرام عن طريق الميل المداري والعقدة الصاعدة وإزاحة الحضيض، وأما طبيعة حركته المدارية فنكتشفها عن طريق السرعة المدارية ومتوسط الحركة اليومية ومتوسط البعد الزاوي.

من الجدير بالذكر أيضاً أن هذه مجرَّد معايير مدارية عامة لا تخصُّ الكواكب وحدها، فيُمكن تطبيقها أيضاً على أقمار الكواكب أو على النجوم الثنائية أو أي أجرام سماوية أخرى تدور حول بعضها البعض.

والآن، لفهم الشرح السابق عن العوامل وكيفية استخدامها في الحصول على القيم المدارية الضرورية فإننا سنجري الآن بعض التجارب على ما تعلمناه سابقاً للتعرف على الطريقة التي يُستفاد بها من هذه العوامل.

لنبدأ بحساب الحركة المدارية. كما درسنا سابقاً فإن الحركة المدارية تُحسَب بثلاثة عناصر مدارية، هي نصف المحور الرئيسيّ (a) والشذوذ المداري (e) ومتوسط البعد الزاوي (M). يُحسَب متوسط البعد الزاوي بالمعادلة التالية:

M = M(0) + 360°(t/T)

حيث أنَّ M(0) هو مقدار M في الزمن t=0، وT هي فترة الدورة المدارية. وباستخدام هذه المعادلة، يُمكن حساب M في أي زمن t.

الملاحظات

[عدل]
  1. قد لا تَبدو مدارات الكواكب إهليجية عند النظر إليها للوهلة الأولى، والسَّبب هو أن شذوذ مدارات معظم الكواكب (طالع النص للمُصطلح) منخفض جداً ولا يَكاد يُلاحظ إلا بالقياس الدقيق، بينما تبدو مداراتها هذه دائرية عند النظر إليها بالعين حتى لو كانت تنظر إلى رسم ذو مقاييس دقيقة.
  2. التفسير الفيزيائيّ لهذا هوَ حاجة الكوكب لمقاومة جاذبية جرمه المَركزي كيْ لا يَبتلعه، لذا فهو يَزيد من سرعته كلما اقترب منه حتى يَتمكن من مقاومة قوة جذب الجرم المركزي. وهذا هو المَغزى أساساً من دوران الكواكب، فإذا لم تدر كواكب نظامنا الشمسيّ - على سبيل المثال - لما امتلكت وسيلة لمقاومة جاذبية الشمس الهائلة ولابتلعت الشمس جميع الكواكب.

المراجع

[عدل]